FTX من الصعود السريع إلى الانهيار المفاجئ

في النصف الثاني من العام 2022، وبعد بضعة أشهر من تأسيسها، أعلنت منظمة إف تي إكس انهيارها وإفلاسها، وذلك بعدما فشلت مساعي رئيسها في الحصول على تمويلات جديدة، تساعدها على تجاوز أزمتها المالية، وقبل إعلان الإفلاس رسميا، ثم تجميد جميع أصول المنصة، وإلى حدود كتابة هذه الاسطر لازال رئيسها المؤسس يخضع إلى التحقيق.

FTX من الصعود السريع إلى الانهيار المفاجئ

إف تي إكس حلم الثروة الذي تبخر

منصة إف تي إكس FTX ، هي شركة وبورصة تهم العملات المشفرة، تأسست سنة 2019 على يد شاب أمريكي يدعى صامويل بانكمان فرايد، مقرها في جزر البهاماس، وبحسب مؤسسها فإن الغرض الأساسي من تأسيس هذه الشركة، كان هو تكوين أكبر قدر ممكن من الثروات لأجل توظيفها في الأغراض الخيرية.

في يوليو 2021 سجلت المنصة متوسط حجم التداول اليومي للبورصة الخاصة بها حوالي 10 مليارات دولار، وكان لديها وقتها ما يفوق من مليون مستخدم، حيث جمعت المنصة في نفس الفترة، حوالي 900 مليون دولار من أكثر من 60 مستثمرًا.


من هو مؤسس منصة إف تي إكس FTX ؟

هو صامويل بانكمان فرايد الشهير بسام فرايد بانكمان والشهير أيضا باسم بـSBF ، أمريكي من مواليد 6 مارس 1992 ، أبويه معا يعملان أستاذين في كلية الحقوق بجامعة ستانفورد، هو خريج معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا. وهو مهندس برمجيات سابق في Google، في بداية حياته المهنية عمل سمسارا في بورصة وول ستريت، قبل أن يغريه عالم العملات الرقمية ويتحول إليها في عام 2017 ، حيث كان قد لاحظ الفرق في الأصول الرقمية المشفرة من بورصة لأخرى، وعليه بدأ بشراء العملات الرقمية ونقلها من بورصة لأخرى، وقال في تصريح سابق له، إن الفارق بين سعر بورصة أمريكا واليابان كان يصل إلى 25% ، وعليه فقد جنى أموالا كثيرة، يعرف عنه أنه شديد الولع بالعمل، حيث أنه ينام فقط 4 ساعات في الليلة.

في البداية كانت الفكرة تأسيس صندوق "ألاميدا ريسيرتش" للاستثمار في أسواق العملات الرقمية، وهذا ما كان، قبل أن يتطور المشروع ويصبح منصة لتداول العملات الرقمية تحت اسم إف تي إكس مع شريكه الصيني جاري وانج المقيم في هونج كونج.

وقد سبق وأن ثم تصنيفه من طرف مجلة فوربس ضمن أغنى 70 شخصية في العالم، حيث كانت ثروته في العام 2020 قد تجاوزت 25 مليار دولار.

 من جانت آخر، يعتبر سام بانكمان فرايد، هو واحد من أهم المتبرعين للحملة الانتخابية للرئيس الأمريكي جو بايدن في عام 2020.


قبل تأسيس إف تي إكس FTX

قبل تأسيس المنصة، أسس سام رفقة شريكه الصيني في سنة 2017 مجموعة Alameda Research Ltd ، وكانت الشركة تهتم بمجال التجارة الكمية والعملات الرقمية ، بالإضافة إلى توفير خدمات “OTC” للعملاء على مدار الساعة طيلة أيام الأسبوع. وبعد تأسيس المنصة سنة 2019 ، قامت شركة “Alameda” باحتضانها وتطويرها حيث ساعدتها على جذب استثمارات مالية بملايين الدولارات، كما أقامت شركة " Alameda " عددا من الشراكات المهمة مع مؤسسات مالية ذات حضور وازن في السوق المالية العالمية، وهذه الشراكات شكلت دعامة كبيرة للمنصة إف تي اكس، حيث كانت منذ بدايتها مدعومة بعدد مهم من صناديق الاستثمار الرقمية المهمة، وتتوفر على شبكة قوية يمكن الاعتماد عليها للمضي قدما في مجال العملات الرقمية .


بعد التأسيس

بعد تأسيسها الرسمي، أصبحت منصة إف تي إكس FTX ، بورصة مهمة للعملات الرقمية، كما رسخت نفسها بسرعة كبيرة في سوق تداول العملات الرقمية. بحيث جذبت آلاف المستخدمين من شتى أنحاء العالم، حيث ولدت المنصة لديهم قدرا هائلا من المشاعر الإيجابية، وأحلاما كبيرة في مجتمع تداول العملات الرقمية، حيث أصبحت وقتها مدعاة فخر لكل المنتمين إليها، بيد أن الآمال كانت كبيرة بالثراء.

الإطلاق الرسمي للبورصة كان في مايو 2019، حيث وفرت لمستخدميها إمكانية الوصول إلى مجموعة من منتجات التداول المبتكرة، بما فيها خيارات البيتكوين، وأكثر من 45 عملة رقمية برافعة مالية تضمن أضعافها كربح صاف، كما وفرت المنصة لمستخدميها إمكانية الوصول إلى التداول الفوري المنتظم، بحيث كانت تدعم عمليات النقل بالعملات الورقية والرقمية مثل بيتكوين وايثيريوم.

من جهة أخرى، المنصة كانت تستهدف المتداولين الأفراد والمؤسسات على حد سواء، بحيث وفرت لهم مجموعة متنوعة من المنتجات والخدمات التي تتناسب مع تخصصاتهم واحتياجاتهم.


الميزات الرئيسية لمنصة FTX

عند انطلاقتها وبغرض جذب أعداد كبيرة من المستخدمين، وفرت المنصة للمستخدمين عددا من منتجات التداول الفريدة التي ميزتها عن غيرها من منصات التداول ومنها :

  1. إمكانية إجراء المستخدمين للتحويلات بالعملات الورقية مثلا الدولار الأمريكي والكندي وأيضا بودائع بطاقات الائتمان
  2. رافعة مالية كبيرة تتيح للمتداولين تعظيم أرباحهم المحتملة، التي قد تتضاعف حتى 101 مرة
  3. تحويلات سهلة تتيح للمستخدمين تحويل العملات داخل حساباتهم وأيضا تداول جميع المشتقات بمحفظة هامش واحدة
  4. قدمت المنصة للمستخدمين كذلك ميزات مهمة مثل : السيولة العميقة، دفاتر الطلبات، عمليات السحب غير المحدودة ، صندوق التصفية
  5. دعم واسع النطاق للعملاء في حال تعرض حساباتهم لأي نوع من المشاكل، حيث وفرت غرف دردشة بأكثر من 10 لغات، لتقديم شتى أنواع المساعدات

المنتجات القابلة للتداول على منصة “FTX”

الفريق الذي كان يشرف على المنصة، كان يحرص على تقديم مجموعة مبتكرة من منتجات التداول، وقد كانت تشمل هذه المنتجات :

  1. عقود MOVE : وهي عقود مستقبلية تنتهي مدة صلاحيتها تبعا للمبلغ الخام المستثمر والذي يتحرك به البيتكوين خلال فترة زمنية معينة
  2. التوكنات بالرافعة المالية : حيث وفرت المنصة أكثر من 45 توكنا مختلفا للرافعة المالية التي تصل إلى 101 ضعفا على المنصة
  3. الأسواق الفورية : بحيث يمكن للمستخدمين إجراء عمليات شراء العديد من العملات الرقمية بأكثر من طريقة
  4. العقود الآجلة : والتي تتيح للمستخدمين تداول قطاعات مختلفة من سوق العملات الرقمية بسهولة أكبر

العملات المدعومة في منصة FTX

أتاحت المنصة لمستخدميها إمكانية التداول على أكثر من 45 توكن برافعة مالية، مجموعة واسعة من العملات الرقمية تفوق عشرين عملة، مع توفير مقايضات دائمة لـ 15 أصلا وهذه أهم العملات الرقمية التي يمكن تداولها على المنصة:

  1. الدولار المستقر (USDT)
  2. Huobi Token (HT)
  3. إيثريوم كلاسيك (ETC)
  4. توكن “FTX” (FTT)
  5. توكن Tezos (XTZ)
  6. بيتكوين كاش (BCH)
  7. دوجكوين (DOGE)
  8. عملة بينانس (BNB)
  9. البيتكوين (BTC)
  10. إيثيريوم (ETH)
  11. لايتكوين (LTC)
  12. الريبل (XRP)
  13. ترون (TRX)

السحب والإيداع على منصة FTX

منصة FTX كانت تدعم عمليات السحب والإيداع والسحب بالدولار الأمريكي وبعدد آخر من العملات الأخرى، هذا ولم تكن تفرض المنصة أية رسوم على عمليات الإيداع والسحب والتحويلات الرقمية.


الانهيار وتبخر أحلام الثراء

كما كان الصعود سريعا، كذلك كان السقوط سريعا ومفاجئا، غير أن هذا السقوط المفاجئ لمنصة FTX ، كانت له أسباب وجذور امتدت لعدة شهور ماضية، وذلك بسبب تدخل سام بانكمان فرايد لأجل إنقاذ عدد من شركات العملات الرقمية التي كانت مهددة بالانهيار في سوق العملات الرقمية. كما أدت بعض الصفقات التي أبرمها سام بانكمان باسم الشركة إلى سلسلة من الخسائر المادية، التي تسببت في تدهور سمعة المنصة وبالتالي تدهور ثقة العملاء فيها، مما أدى إلى تسارع عمليات الانسحاب منها وسحب الأموال المودعة فيها، وهي الأمور التي أدت في النهاية إلى سقوط المنصة، وبالتالي تجميد أرصدة جميع المستخدمين الذين يعتبرون بالآلاف.

وإلى حدود اليوم لازالت التحقيقات جارية، ولازالت عمليات التدقيق الحسابي للمنصة مستمرة، فيما رفع مئات المتضررين دعاوي قضائية ضد المنصة ورئيسها المؤسس سام، ولازالت القصة لم تنتهي.

تعليقات